بين الانقسام السياسي وغضب الشارع.. هل ينجح “حراك الوطن” في تحريك الجمود الليبي؟

0
115

يعود الشارع الليبي إلى الواجهة من جديد، بصوت يعلو فوق ضجيج السياسة، وهذه المرة عبر حراك الوطن، أحد أبرز الحركات الشعبية التي تدعو للتظاهر السلمي لإنهاء جميع المؤسسات السياسية والذهاب مباشرة إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة. هذا الحراك، الذي بدأ ينشط في مختلف المدن الليبية، يعكس رغبة متزايدة لدى الليبيين في استعادة حقهم في تقرير مصيرهم بعد سنوات من الجمود السياسي والانقسام المؤسسي
.
أصدر حراك الوطن في مدينة سرت بيانًا طالب فيه أبناء الشعب بالخروج في مظاهرات سلمية للمطالبة بإجراء الانتخابات، داعيًا المجتمع الدولي والبعثة الأممية لدعم إرادة الليبيين في اختيار قياداتهم بحرية. وفي بنغازي، دعا الاتحاد العام لطلبة ليبيا المواطنين للمشاركة في هذه التحركات، وحدد يوم 28 نوفمبر موعدًا للتظاهر في جميع المدن والقرى.

كما شهدت مدينة البيضاء ندوة نظمها حراك الوطن بمشاركة رؤساء الجامعات وأكاديميين ونشطاء ومشايخ، أكد خلالها المتحدثون على أهمية الإسراع في إجراء الانتخابات الرئاسية وتهيئة الظروف السياسية والأمنية والقانونية لضمان نزاهة العملية الانتخابية. وطالب البيان الختامي مجلس النواب بالالتزام بتنفيذ الانتخابات، داعيًا البعثة الأممية لاحترام إرادة الشعب واستنكار تدهور الأوضاع المعيشية ونقص السيولة وانقسام المؤسسات.

وفي ظل هذا الحراك، صدرت تصريحات من القائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، شدد فيها على ضرورة تنظيم حراك سلمي منظم لتقرير المصير وبناء الدولة، مؤكدًا أن الحل الحقيقي للأزمة يكمن في المسار الذي يقرره الشعب بنفسه، وداعيًا المجتمع الدولي إلى الانحياز الكامل لخيار الليبيين.

ورغم إعلان البعثة الأممية لدى ليبيا في 12 أغسطس الماضي عن خارطة طريق جديدة تهدف لتوحيد السلطة التنفيذية والتمهيد لإجراء الانتخابات، إلا أن التقدم على الأرض ما زال محدودًا، وسط خلافات عميقة بين المؤسسات السياسية ومؤسسات الدولة المنقسمة بين الشرق والغرب. المبادرة الأممية، التي تضمنت خطوات لتوحيد المؤسسات، تشكيل حكومة جديدة، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة، لم تحقق أي نتائج ملموسة حتى الآن، ما زاد شعور الليبيين بالإحباط وفقدان الثقة في قدرة البعثة على إدارة الأزمة وتحريك الأطراف نحو حل نهائي.

ويُنظر إلى غياب نتائج خارطة الطريق الأممية كفرصة لمبادرات شعبية مثل حراك الوطن لتملأ الفراغ السياسي، وتعيد للشارع الليبي دورًا مؤثرًا في الضغط على الأطراف المحلية والدولية. فبينما تظل المبادرات الأممية عالقة بين الاجتماعات والبيانات، يفرض الشارع نفسه مرة أخرى كطرف فعلي قادر على المطالبة بإنهاء الانقسام وتحقيق الانتخابات، بما يعكس رغبة شعبية حقيقية في استعادة القرار الوطني.

مع اقتراب موعد التظاهر المقرر في 28 نوفمبر، يظل السؤال مطروحًا: هل سينجح الشارع في فرض مسار وطني خالص يحقق طموحات الليبيين، أم أن المشهد سيظل عالقًا بين ضعف الأمم المتحدة وتشبث الأجسام السياسية بمقاعدها؟ يبدو أن الساحة الليبية على أبواب اختبار حقيقي لإمكانية تحول الغضب الشعبي إلى قوة ضغط سياسية قادرة على إعادة ترتيب الأولويات الوطنية.