خلاف جديد بين الرئاسي والبرلمان في ليبيا.. أزمة قانونية أم صراع نفوذ؟

0
114

عاد التوتر من جديد إلى المشهد الليبي بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب، بعد الجدل الذي أثاره الحكم الصادر عن المحكمة العليا بعدم دستورية قانون الجريدة الرسمية، وما تبعه من ردود رسمية متباينة بين مؤسسات الدولة، فتحت الباب أمام تساؤلات حول حدود الصلاحيات بين السلطات ومدى احترام مبدأ الفصل بينها.

ففي بيان رسمي، رحّب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي بالحكم، واعتبره خطوة مهمة لترسيخ مبدأ المشروعية والفصل بين السلطات وتعزيز دولة القانون.

وأكد المنفي أن الأحكام القضائية ذات طبيعة كاشفة تكشف عن المخالفات الدستورية منذ صدور القوانين، مشيرًا إلى أن القوانين التي نُشرت بالمخالفة لأحكام الدستور تُعد غير مستوفية للشروط القانونية وتستلزم إعادة إصدارها بالشكل الصحيح.

وأعلن المنفي عزمه تشكيل لجنة قانونية لمراجعة القوانين الصادرة عن مجلس النواب، بما يضمن مواءمتها مع الاتفاق السياسي ومتطلبات الشرعية الدستورية.

لكن هذا الموقف أثار ردود فعل غاضبة داخل المجلس الرئاسي نفسه، حيث أصدر عضوا المجلس، عبد الله اللافي وموسى الكوني، بيانًا مشتركًا أكدا فيه رفضهما «الزج بالمجلس الرئاسي في التجاذبات السياسية»، مشددين على ضرورة احترام استقلال القضاء وعدم توظيف أحكامه في الصراع السياسي.

وأشار اللافي والكوني إلى أن القضاء يجب أن يظل ميزانًا للعدالة لا طرفًا فيها، محذرين من أي محاولة للتأثير في سلطته أو استخدام قراراته كورقة ضغط بين المؤسسات.

الرد الأشد جاء من رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، الذي اعتبر أن المنفي «تصرّف كأنه خصم للبرلمان لا طرف محايد»، مؤكدًا أن تنظيم القضاء واختصاصات المحكمة الدستورية من صميم عمل السلطة التشريعية.

وقال صالح إن «إنشاء المحكمة الدستورية العليا لا يعد خروجًا عن مبدأ الفصل بين السلطات كما يدّعي المنفي»، متهمًا إياه بتجاوز صلاحياته المحددة في اتفاق جنيف الذي «انتهت مدته»، داعيًا رئيس المجلس الرئاسي إلى «عدم التدخل في عمل المشرع أو تكليف لجان رقابية لا يملك صلاحيتها».

ويرى مراقبون أن الخلاف الأخير يكشف عمق الأزمة بين مؤسسات الحكم في ليبيا، إذ يتحول كل قرار قضائي أو قانوني إلى ساحة جديدة للصراع بين السلطات الثلاث، في ظل غياب توافق سياسي شامل يحدّد بدقة صلاحيات كل جهة.

وبينما يعتبر البعض أن موقف المنفي يأتي في إطار الدفاع عن الشرعية الدستورية، يرى آخرون أنه تجاوزٌ لصلاحياته ودخول في مواجهة مفتوحة مع البرلمان قد تعقّد المشهد أكثر.

ويبقى السؤال الأبرز المطروح: هل يُعيد هذا الخلاف رسم حدود الصلاحيات بين الرئاسي والبرلمان، أم أنه مجرد حلقة جديدة في سلسلة الصراعات التي تُبقي البلاد رهينة الانقسام المؤسسي والسياسي؟