ما هي أولويات السياسية الخارجية الأمريكية تجاه ليبيا؟.. مندوب واشنطن في مجلس الأمن يجيب

0
147

كشفت تصريحات جون كيلي، ممثل الولايات المتحدة في مجلس الأمن، الجمعة الماضي، عن رؤية أميركية دقيقة للحل في ليبيا، تركز على إعادة بناء الدولة بعيداً عن أي أجندات ثانوية قد تشتت الانتباه عن العملية السياسية الأساسية. 

فالهدف الذي تؤكده واشنطن لا يقتصر على مجرد استمرار الوجود الأممي، بل يتعداه إلى إرساء حكومة موحدة تمتلك القدرة على تأكيد سيادتها وتحمل مسؤولية أمنها، إلى جانب تمكين فرص اقتصادية متبادلة تعود بالنفع على الدولة والمستثمرين على حد سواء. 

من خلال موقف كيلي، يتضح أن الولايات المتحدة تشعر بالإحباط من محاولات إدخال نصوص وصياغات في قرارات مجلس الأمن تُعتبرها مثيرة للانقسام، لا سيما تلك المتعلقة بالمساواة بين الجنسين وأهداف التنمية المستدامة. 

وترى واشنطن أن إدراج هذه البنود يبعد التركيز عن السلام وإعادة بناء المؤسسات، ويحوّل الأمم المتحدة من منصة لتحقيق المصالح الوطنية الليبية إلى منبر لنشر أيديولوجيات تثير الجدل، وهو ما يفسر تأكيد كيلي على ضرورة لغة واضحة ودقيقة في كل القرارات الرسمية.

ويشير التحليل الاستراتيجي لهذا الموقف إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى توجيه بعثة الأمم المتحدة نحو مهام سياسية محددة وواضحة، مع وضع معايير أداء دقيقة وتخصيص الموارد الضرورية لضمان فاعلية عمل البعثة على الأرض. 

بمعنى آخر، فإن واشنطن لا تريد أن تصبح البعثة مجرد غطاء للتجاذبات الإقليمية أو المنصات التي تُستغل لأجندات خارجية، بل ترى أنها أداة لتحقيق السلام والاستقرار وإعادة بناء مؤسسات الدولة الليبية بشكل متدرج. 

وما يميز هذا الموقف الأمريكي هو التأكيد على أن أي تقدم في ليبيا يجب أن يبنى على قاعدة واضحة من السيادة والمؤسسات القادرة على حماية الدولة، مع مراعاة أن السلام والازدهار الاقتصادي هما المحركان الأساسيان لأي خطة مستقبلية. 

وبحسب مراقبين، لا يعكس الموقف الأمريكي مجرد رغبة في استمرار النفوذ الدولي، بل استراتيجية ترتكز على ضبط مسار العملية السياسية، وتقليل تدخل الأجندات المثيرة للانقسام، وتركيز الجهود على ما يخدم استقرار الدولة على المدى الطويل. 

ويمكن القول إن واشنطن تسعى من خلال هذه التصريحات إلى إعادة رسم حدود تدخل الأمم المتحدة في ليبيا، بحيث يصبح التركيز على بناء الدولة ومؤسساتها واستعادة الأمن، بينما تبقى القضايا الاجتماعية والثانوية خارج صلب القرار السياسي، بما يضمن تحقيق نتائج ملموسة على الأرض وتحويل الاستقرار الليبي إلى أداة لتعزيز مصالح أمريكا في المنطقة.