تمرّ اليوم الذكرى الـ14 لإعلان سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، فيما لا تزال ليبيا تبحث عن طريقها نحو الاستقرار بعد أكثر من عقد على ما سُمّي بـ«عيد التحرير». ففي الثالث والعشرين من أكتوبر عام 2011، أعلن رئيس المجلس الوطني الانتقالي آنذاك، مصطفى عبدالجليل، من مدينة بنغازي، «تحرير كامل التراب الليبي» بعد سقوط نظام القذافي ومقتله في مدينة سرت، وسط أحلام كبيرة ببناء دولة مدنية ديمقراطية تنهي حقبة الحكم الفردي وتفتح صفحة جديدة من الحرية والعدالة.
لكن بعد 14 عامًا على تلك اللحظة، يطرح الليبيون سؤالًا صريحًا: هل تحررت ليبيا حقًا؟
منذ ثورة 17 فبراير، تعاني البلاد من انقسام حاد على مستوى المؤسسات والمجتمع، إذ لم يتفق الليبيون حتى اليوم على تقييم ما حدث أو نتائجه. فبينما يحيي البعض ذكرى «عيد التحرير» باعتبارها محطة فاصلة في تاريخ البلاد، يراها آخرون ذكرى فقدت معناها في ظل الأزمات المتلاحقة التي أنهكت الوطن والمواطن.
توالت بعد سقوط النظام كيانات سياسية متعددة؛ من المجلس الانتقالي إلى المؤتمر الوطني العام، ثم مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وصولًا إلى حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس والحكومة المكلفة من مجلس النواب في بنغازي. ورغم محاولات الوساطة الدولية المتكررة، ظل الانقسام السياسي قائمًا، وأصبحت مؤسسات الدولة تعمل بشكل متوازٍ، ما عرقل جهود التوحيد وأجّل إجراء الانتخابات التي ينتظرها الليبيون منذ سنوات.
وعلى الصعيد الأمني، تحولت البلاد إلى ساحة نفوذ للميليشيات والجماعات المسلحة، وانتشرت الفوضى في المدن، بينما نجح الجيش الوطني الليبي في استعادة السيطرة على مناطق واسعة في الشرق والجنوب. إلا أن غرب البلاد لا يزال تحت سيطرة تشكيلات مسلحة متعددة، إلى جانب وجود قوات أجنبية ومرتزقة، وهو ما جعل البعض يرى أن “التحرير” الذي أُعلن قبل 14 عامًا لا يزال ناقصًا حتى اليوم.
اقتصاديًا، تدهورت الأوضاع المعيشية بشكل حاد، وارتفعت الأسعار بصورة غير مسبوقة، وتراجعت القدرة الشرائية للمواطنين مع تراجع الخدمات الأساسية. كما أدى الانقسام المؤسسي إلى تعطّل المشاريع الحيوية، وتفاقم أزمة الفقر والبطالة، فيما استمرت المؤسسات المالية بالعمل بشكل منفصل بين الشرق والغرب، ما زاد من تعقيد المشهد الاقتصادي وأضعف الثقة في الدولة.
وبينما يشعر كثير من الليبيين بخيبة أمل من مسار الثورة ونتائجها، يرى آخرون أن الأزمات الحالية جزء من مرحلة انتقالية طبيعية تمر بها أي دولة عقب سقوط نظام استمر لعقود. فبالنسبة لهؤلاء، التحول الديمقراطي عملية طويلة ومعقدة تتطلب وقتًا وصبرًا وتوافقًا وطنيًا واسعًا.
ورغم تعدد وجهات النظر، تبقى ليبيا بعد 14 عامًا من سقوط النظام أمام مفترق طرق حاسم، بين استمرار الانقسام أو انطلاق مرحلة جديدة من المصالحة والاستقرار. وبين من يرى أن «عيد التحرير» كان نهاية لعهد وبداية لأمل لم يكتمل، يبقى السؤال مطروحًا: هل تحررت ليبيا حقًا؟ أم ما زالت تبحث عن حريتها وسط دوامة من الأزمات التي لم تهدأ بعد؟
- بلقاسم حفتر يوقّع عقودًا مع شركات دولية لتنفيذ مشاريع تنموية في طبرق
- 14 عامًا على “عيد التحرير”.. هل تحررت ليبيا حقًا؟
- بنغازي تحتضن فعالية إطلاق “مبادرة ليبيا للسلام” بحضور لجنة “5+5”
- البعثة الأممية توضح تفاصيل الحوار المهيكل في ليبيا ومعايير اختيار المشاركين فيه
- صدام حفتر يتابع مع أمراء الإدارات والهيئات تنفيذ رؤية 2030 لتطوير الجيش الليبي